يتفق الخبراء من المستثمرين المخضرمين في مجال الاستثمار في البورصة والأوراق المالية على أن التنويع في المحفظة الاستثمارية وفي الأسهم هو من أهم العوامل التي تحد من المخاطر الاستثمارية أو تقلل منها بنسبة كبيرة وذلك إعمالا بالمقولة السائدة بين أكثر المستثمرين حكمة و التي تقول ” لا تضع كل البيض في سلة واحدة ” .
و من ناحية أخرى فإن التنويع لا يقلل من مخاطر الاستثمار في الأوراق المالية و البورصة فحسب وإنما يعمل التنويع في المحفظة الاستثمارية في الأوراق المالية بشكل مؤثر للغاية على زيادة العوائد أيضًا.
والسؤال هنا ..
محتويات الموضوع
كيف يعمل التنويع في المحفظة الاستثمارية على الحد من المخاطر وزيادة العوائد من الأساس؟
لكي نجيب على هذا التساؤل يجب أن نستعرض المثال التالي .. نفترض أن لدينا عددًا من المستثمرين – مثلا 100 مستثمر – ويقوم هؤلاء المستثمرين بالشراء في أسهم المؤشر EGX100 و المكون من 100 سهم و كل واحد من المستثمرين يقوم بالشراء فقط في سهم واحد ( بغض النظر عن الوزن النسبي لكل سهم من أسهم المؤشر ومع افتراض الشراء بنفس القيمة لكافة المستثمرين ) .. نجد في هذه الحالة أن متوسط العائد على الاستثمار لكل المستثمرين مجتمعين يمثل نفس الزيادة في نسبة المؤشر وذلك لأنه – و ببساطة شديدة – لأن متوسط العائد على استثماراتهم هي النسخة الواقعية من أداء المؤشر.
هناك العديد من المستثمرين الذين يتشدقون بأنهم على دراية جيدة بالأسهم و تحركاتها بل و يؤكدون على أنهم على دراية كافية بالأسهم التي ستنفجر بالارتفاع و هم في انتظار السعر المناسب للشراء قبل انفجار أسعار هذه الأسهم بالارتفاع .. في الواقع لا أرى أنهم على صواب خاصة أن أداء السوق و سلوك الأفراد و كميات العرض و الطلب تظل غير معلومة ولا يمكن التحكم فيها أو التنبؤ بها بأي حال من الأحوال حتى في ظل أقوى عمليات الدراسة و البحث و التي يقوم بها أعتى المحللون .. و لكن يظل للتحليل الفني والتحليل الأساسي دورًا لا يستهان به في توقع اتجاه تحركات الأسهم بشكل عام و لكن لا يمكن لكل وسائل التحليل توقع الطفرات السعرية و نسعى لالتنويع في المحفظة الاستثمارية.
لنكون متفقين .. عدم التنويع في محفظة الأسهم هو المخاطرة بعينها .. حينما تقوم بالاستثمار عن طريق شراء سهم ما فإنك إن قمت بشراء سهم شركة واحدة فقط – أي أغفلت عنصر التنويع – فإنك تضع نفسك في مخاطرة 50/50 إما أن يرتفع سعر السهم و تربح .. أو ينخفض سعر السهم و تخسر . و لكن في ظل التنوع في الأسهم تظل إمكانية انخفاض بعض الأسهم وارتفاع البعض الآخر قائمة . مما يؤدي بالضرورة إلى الحد من أو تقليل المخاطر الناجمة عن الاستثمار في البورصة بشكل كبير.
في الواقع فإن كل ما سبق يقودنا إلى سؤال هام .. ما هي الخطوات الواجب إتباعها لتحقيق التنوع بشكل أقرب للمثالية؟
أو السؤال بمعنى آخر .. ما هي الخطوات التي يجب اتباعها للحد من المخاطر وزيادة العوائد من خلال التنوع ؟
سنقوم الآن من خلال موقعنا موقع المجرة بتبسيط الخطوات اللازمة لتحقيق التنويع في الأسهم بشكل أكثر فاعلية .
1- الاستثمار في أسهم المؤشر
من أهم مؤشرات البورصة في مصر مؤشر EGX30 – EGX70 – EGX100 و يختلف كل مؤشر منهم من حيث سلوك المؤشر وكيفية عملة و كيفية أداؤه و كيفية احتساب الوزن النسبي للسهم في كل منهم و سوف نفرد مقالة متكاملة عن أنواع المؤشرات وأهمية كل مؤشر والضوابط التي يعمل بها كل مؤشر.
من خلال الاستثمار في أسهم المؤشر يتم الاستثمار في مجموعة من الأسهم الخاصة بمؤشر معين من قطاعات مختلفة مع الوضع في الاعتبار القطاعات الرائجة و مدى استمرار رواج هذه القطاعات في المدى القصير والمتوسط على الأقل.
تضمن هذه الخطوة على الأقل تخفيف وطأة الانهيارات في قطاعات معينة نتيجة ظروف خاصة أو قرارات سيادية أو أي أسباب أخرى ويحدث ذلك عن طريق انخفاض أسعار أسهم قطاعات معينة وارتفاع أسعار أسهم في قطاعات أخرى بما يضمن تعويض بعض أو كل الخسائر التي تحققت في القطاعات التي انخفضت أسعار أسهمها .. بمعنى آخر لا يتكبد المستثمر الخسائر بالكامل وإنما تخفف عنه بعض الأرباح المحققة من أسهم قطاعات أخرى وطأة الخسارة .. و قد تكون الأرباح المحققة من أحد القطاعات أعلى من الخسائر المحققة من القطاعات الأخرى بما يعني تحقيق أرباح في المجمل برغم وجود قطاعات خاسرة.
يتم الشراء بطريقة التنويع في أسهم المؤشر بنسبة 50 % فقط من قيمة التنويع في المحفظة الاستثمارية .. و يتم الشراء في كافة القطاعات وخاصة القطاعات الرائجة في المدى القصير و المتوسط أي من 3-6 شهور مقبلة.
2 – الشراء في أسهم ذات القيمة المرتفعة:
لا نعني بذلك الشراء في أسهم مرتفعة الثمن .. و لكن المقصود بالأسهم ذات القيمة المرتفعة أنها الأسهم المعروف عنها الاستقرار في الأسواق لفترات طويلة ولعل أبرز مثال لهذا النوع من الأسهم في الأسواق المصرية ( البنك التجاري الدولي ) .. أظنني سمعت البعض منكم يتمتم بأسم السهم قبل بلوغه السطر المذكور فيه .. لسنوات عدة ظل سهم (البنك التجاري الدولي) من الأسهم المستقرة المتماسكة برغم حدوث العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية .
بشكل عام يمكن اعتبار الأسهم المرتفعة القيمة هي الأسهم التي تقل قيمتها السوقية في الوقت الحالي عن القيمة الدفترية للسهم في الشركة .. ففي كل الأحوال سيعود السهم إلى قيمته الحقيقية و في هذا الوقت سيكون المستثمر الذي اشترى بسعر أقل من أصحاب الأرباح في البورصة.
من الممكن تخصيص 10% من قيمة التنويع في المحفظة الاستثمارية لهذا النوع من الأسهم .
3- الشراء في أسهم شركات ذات رأس مال صغير و الشركات الواعدة:
يتم تخصيص 10% أخرى من المحفظة لشراء الأسهم الخاصة بالشركات صاحبة رأس المال الصغير مع مراعاة أن لا يتم ذلك بشكل عشوائي وإنما بناء على دراسة مسبقة لهذه الشركات و تحديد الشركات الواعدة منها بالنمو .. من الممكن استشارة بعض المختصين وذوي الخبرة من مديرين الحساب أو مديرين الاستثمار بشركة تداول الأوراق المالية التي يتعامل معها المستثمر .. عن ثقة هؤلاء الناس يملكون الخبرة الكافية للنصح بما يتعلق بالشركات الواعدة بالنمو.
أيضًا الشركات حديثة العهد بالتداول في البورصة من الممكن اعتبارها من الشركات الواعدة لسبب واحد فقط وهو أن طرح الشركة لأسهمها في البورصة يعكس رغبة الشركة في النمو و التوسع بشكل أو بآخر سيرتفع سعر السهم الخاص بها سواء كان عاجلًا أو آجلًا هذا بالإضافة إلى كون الشركة مثلًا من الأسماء المعروفة قبل طرح أسهمها للاكتتاب العام و التداول العام بين أفراد المستثمرين في سوق الأوراق المالية .. فإن طرح السهم في البورصة لشركة معروفة من قبل يعزز وضعها المالي و بقائها في السوق و قدرتها على المنافسة بطبيعة الحال.
4 – شراء أسهم ذات قيمة صغيرة :
مراعاة أن يتم تخصيص 10% من محفظة الأسهم لشراء أسهم ذات قيمة صغيرة و المقصود هنا بالأسهم ذات القيمة الصغيرة هو الأسهم رخيصة الثمن ( من 1- 5 جنيهات للسهم ) ويعد وجود مثل هذا النوع من الأسهم في التنويع في المحفظة الاستثمارية من العناصر المهمة الواجب توافرها لاكتمال عنصر تنويع المحفظة و خاصة كما ذكرنا من قبل أن تكون في أسهم الشركات الواعدة أو الشركات التي تطرح على شاشة البورصة أخبارًا إيجابية.
إن شراء هذا النوع من الأسهم بنسبة 10% من التنويع في المحفظة الاستثمارية يضمن كمية كبيرة من الأسهم بما يعني أن أي زيادة طفيفة في سعر السهم ستتحول بناء على الكمية إلى ربح جيد بشكل مرضي والتنويع في المحفظة الاستثمارية.
لكي يتضح معنى هذه الفرضية لنستعرض المثال التالي :
لنفترض أن قيمة التنويع في المحفظة الاستثمارية 200 ألف جنيها فإن ذلك يعني أن 10% من قيمة المحفظة الاستثمارية يساوي 20 ألف جنيه ومع افتراض أن سعر السهم المستهدف بالشراء من الفئة الصغيرة 2 جنيه فإن ذلك يعني شراء 10 آلاف سهم .
لنفترض أن قيمة السهم ارتفعت بقيمة 0.25 جنيه ( النسبة تعتبر كبيرة بالنسبة لسهم سعره 2 جنيه ) فنجد أن إجمالي ربح المركز القائم من السهم = 0.25 جنيه x عدد 10000 سهم = 2500 جنيها أي 12.50 % من قيمة المركز القائم من السهم وذلك بسبب زيادة 0.25 جنيه فقط .
5 – الاستثمار في أسهم قطاع الاستثمار العقاري :
إن شعرت بالرضا عن وضع محفظة أسهم الأوراق المالية الخاصة بك بعد تطبيق الخطوات الأربعة السابقة .. فأنا أيضًا أرى أنه يكفي كبداية مع إعادة توزيع النسب لتصبح 50% لأسهم المؤشر و 50 % موزعة على فئات الأسهم الثلاثة التالية.
أما إن كنت تطمح إلى مزيد من التحسينات فإليك قطاع من القطاعات الهامة و التي يجب توافرها في أي محفظة استثمار في البورصة والاسواق المالية و هو قطاع الاستثمار العقاري.
وترجع أهمية وجود أسهم قطاع شركات الاستثمار العقاري في التنويع في المحفظة الاستثمارية إلى كون أسهم قطاع شركات الاستثمار العقاري من الأسهم شديدة الاستقرار لأن الاستثمار العقاري بشكل عام لا يرتبط بموسم محدد و لا يتأثر بالأحوال الاقتصادية و لا السياسية بشكل كبير مثل بقية القطاعات.
إلا أن لكل قاعدة شواذ فقد تأثرت أسهم قطاع الاستثمار العقاري بشكل كبير إبان أزمة وباء كورونا في مطلع العام 2020 حيث صدر قرار بوقف تراخيص البناء لمدة 6 شهور مما انعكس بالسلب على البورصة بشكل واضح ليس فيما يتعلق بقطاع الاستثمار العقاري فحسب وإنما على كافة القطاعات.
أما فيما يتعلق بشركات الاستثمار العقاري فلم تتوقف عن العمل لأن الشركات كان لديها بالفعل تراخيص بناء صادرة بالفعل ويتم العمل عليها و لكن القرار كان يتعلق فقط بتراخيص البناء الجديدة وذلك ما أدى إلى سرعة استعادة أسهم هذا القطاع لاستقراره في فترة وجيزة مقارنة ببقية قطاعات السوق.
عزاؤنا الوحيد أن هذا الوضع ليس من الثوابت و أنه من الحالات الاستثنائية و التي لا تتكرر بشكل دوري وإنما الأصل في القاعدة هو استقرار أسهم القطاع العقاري.
يفضل أيضًا أن يتم تخصيص ما قيمته 10% من قيمةالتنويع في المحفظة الاستثمارية لأسهم قطاع الاستثمار العقاري.
6 – الاستثمار في الأسواق الناشئة أو الأسهم الدولية:
إن كنت متابعًا جيدًا للبورصات الدولية و الأسهم العربية و العالمية فإنه يجب عليك تخصيص قيمة الـ 10% المتبقية من التنويع في المحفظة الاستثمارية للاستثمار في الأسواق الناشئة ( على سبيل المثال : بورصة السعودية – بورصة الكويت – بورصة تونس – بورصة تركيا ) حيث أن الاستثمار في الأسواق الناشئة يعكس فكرة الاستثمار في الاقتصادات الآخذة في التوسع والنمو السريع.
إن أداء الأسواق الناشئة و الآخذة في التوسع قد يوفر مكاسب هامشية مثيرة للاهتمام خاصة في البلاد صاحبة النمو الاقتصادي السريع و ذلك على المدى المتوسط إلى الطويل ( عمر الدورة الاستثمارية من 6 شهور – 12 شهر ) .
و أخيرًا .. بعض النقاط الهامة المتعلقة بالتنويع في المحفظة الاستثمارية:
– تنويع محفظة الأوراق المالية يخفف المخاطر بدرجة كبيرة؛
و كما ذكرنا كلما زاد تنوع أسهم محفظة الأوراق المالية كلما كانت العوائد أفضل و يظهر ذلك جليًا في كل خطوة من خطوات التنويع التي قمنا بذكرها برغم أن المكاسب التي قد يتم تحقيقها نتيجة تنوع المحفظة يأتي على حساب المخاطر.
–ليست كل أشكال التنويع جيدة؛
فإن كان تنوع محفظة الأسهم قائمًا على الاستثمار في 50 سهم لا تعلم عنها شيئًا فربما لا تحقق أي فائدة منها .. لابد من المعرفة و الدراسة المتأنية قبل اتخاذ القرار الاستثماري بالشراء في البورصة.
– التفكير في التنويع في المحفظة الاستثمارية أمر جيد للغاية أن تم بناء على معرفة و دراسة أو على الاقل نصيحة من اهل الخبرة في مجال الاستثمار في البورصة والاسواق المالية؛
.. حيث أن أشكال التنويع في المحفظة الاستثمارية متعددة ولقد ذكرنا أننا قمنا بتخصيص 100 % من قيمة التنويع في المحفظة الاستثمارية لشراء الأسهم .. و لكن ما المانع في تخصيص جزء من أموال التنويع في المحفظة الاستثمارية لشراء السندات ذات العائد الدوري مثلًا .. إن توفر هذا النوع من الاستثمارات في محفظة الاستثمار يضمن تخفيف آثار تقلبات السوق بشكل كبير كذلك يضمن تجربة استثمار أكثر أريحية و تداول مربح إن شاء الله.