إدارة فترة التحضين (Spawn Run): كيف تسيطر على “ثورة الحرارة” والرطوبة لإنتاج وفير؟

الهدوء الذي يسبق العاصفة

بعد أن انتهيت من خطوات زراعة المشروم وتلقيح الكومبوست (التي شرحناها في المقال السابق)، ستغلق باب الغرفة وتبدأ فترة الانتظار التي تسمى “فترة التحضين” (Spawn Run).

قد تبدو الأكياس أو الرفوف هادئة من الخارج، لكن في الداخل تدور “معركة” بيولوجية. الميسيليوم (خيوط الفطر) يلتهم الطعام، يتنفس، ويتكاثر بسرعة هائلة. ونتيجة لهذا النشاط، ينتج الفطر أمرين يجب عليك إدارتهما بحذر: حرارة عالية و غاز ثاني أكسيد الكربون.

في هذا الدليل من أنا مشروم، سنعلمك كيف تكون “قائد الأوركسترا” لتضبط هذه العوامل وتصل بمحصولك لبر الأمان.

1. فهم “الطفرة الحرارية” (Heat Surge): العدو الخفي

أهم معلومة يجب أن يعرفها أي مزارع مشروم هي: الكومبوست ينتج حرارته الخاصة.

في الأيام الأولى (من اليوم 1 إلى 5)، يكون النشاط بسيطاً. لكن، ما بين اليوم السادس والتاسع، عندما تلتحم خيوط الفطر مع بعضها، يحدث انفجار في النشاط البيولوجي، وترتفع درجة حرارة الكومبوست فجأة.

• درجة الحرارة المثالية للكومبوست: يجب أن تكون ما بين 24 إلى 25 درجة مئوية.

• منطقة الخطر: إذا وصلت حرارة الكومبوست إلى 28 أو 29 درجة مئوية، يتوقف النمو.

• منطقة الموت: عند 35 درجة مئوية وما فوق، يموت الميسيليوم وتفشل الزراعة.

نصيحة عملية للمحترفين:

لا تنتظر حتى ترتفع الحرارة لتبدأ التبريد! كن استباقياً. ابدأ بخفض درجة حرارة مكيف الهواء (Air Temp) تدريجياً قبل اليوم السادس لتستوعب الحرارة التي ستخرج من الكومبوست لاحقاً.

2. التهوية وثاني أكسيد الكربون (CO2): عكس ما تتوقع!

في مرحلة الإثمار (خروج الثمار)، نحتاج لهواء نقي جداً. لكن في مرحلة التحضين هذه، الوضع مختلف تماماً.

الميسيليوم في هذه المرحلة يحب مستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون (CO2).

• لماذا؟ ارتفاع CO2 يحفز الميسيليوم على النمو الخضري السريع (الانتشار) بدلاً من تكوين الثمار مبكراً.

• المستوى المطلوب: يمكن أن يصل المستوى إلى 10,000 جزء في المليون (ppm) أو أكثر، وهذا ممتاز.

• التطبيق العملي: أغلق فتحات التهوية الخارجية (Fresh Air) قدر الإمكان، واعتمد على تدوير الهواء الداخلي للمساعدة في توزيع الحرارة فقط.

3. كيف “تقرأ” نمو الميسيليوم؟

شكل الخيوط البيضاء يخبرك الكثير عن جودة الكومبوست الذي صنعته أو اشتريته:

1. نمو بطيء، كثيف، وناعم:

   • التشخيص: هذا مؤشر ممتاز! يعني أن الكومبوست غني بالمواد الغذائية (الدهون والبروتين)، والميسيليوم يأخذ وقته في الأكل. هذا يبشر بإنتاجية عالية ووزن ثقيل للثمار.

2. نمو سريع جداً، خيطي، ورفيع:

   • التشخيص: الكومبوست فقير غذائياً. الميسيليوم “يجري” بسرعة بحثاً عن الطعام. ستملأ الأكياس بسرعة، لكن الإنتاجية قد تكون أقل.

3. ظهور بقع خضراء أو سوداء:

   • التشخيص: تلوث بالعفن (Green Mold). هذا يعني خللاً في التعقيم أو النظافة أثناء الزراعة.

   • (لحل هذه المشكلة ومشاكل البقع الأخرى، راجع فوراً مقالنا: بقع بنية أو صفراء على المشروم؟ دليلك للعلاج).

4. الرطوبة: لا تدع الكومبوست يعطش

خلال هذه الفترة (12-18 يوماً)، يجب الحفاظ على رطوبة الغرفة عالية جداً (90-95%).

• الهدف: منع سطح الكومبوست من الجفاف.

• كيف؟ رش الأرضيات والجدران بالماء باستمرار، أو استخدام أجهزة الضباب (Foggers).

• تحذير: تجنب رش الماء مباشرة على الكومبوست في هذه المرحلة إلا للضرورة القصوى، لأن الماء الحر قد ينشط البكتيريا.

5. متى تنتهي فترة التحضين؟

عادة ما تستغرق هذه المرحلة من 12 إلى 14 يوماً (وقد تمتد لـ 18 يوماً حسب السلالة والحرارة).

تعرف أنها انتهت عندما:

1. يتحول لون الكومبوست بالكامل إلى الأبيض (استعمار كامل).

2. تبدأ درجة حرارة الكومبوست في الانخفاض والعودة لمعدلها الطبيعي (انتهاء الطفرة الحرارية).

عندها، تكون جاهزاً للمرحلة التالية وهي “التغطية” (Casing)، حيث نضع طبقة التربة (البيتموس) لتحفيز خروج الثمار.

الأسئلة الشائعة حول فترة التحضين (FAQ)

خاتمة:

إدارة فترة التحضين بنجاح هي الفاصل بين المزارع الذي يحصل على “قطفة أولى” غزيرة، وبين من يعاني من الأمراض وضعف الإنتاج.

لمعرفة المزيد حول اختيار التقاوي من البداية، عد لقراءة مقالنا: دليل تقاوي المشروم للمبتدئين.

المصادر:

• المعلومات التقنية حول درجات الحرارة ومستويات CO2 مستندة إلى أبحاث قسم أمراض النبات في جامعة ولاية بنسلفانيا (Penn State).