مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية ،بعد أن تعرفنا على معنى البورصة و كيفية الاستثمار في البورصة و أنواع الشركات العاملة في البورصة و خطوات الاستثمار في البورصة خطوة بخطوة ينبغي علينا الآن التعرف على الجانب المظلم من التداول في البورصة .. و بالطبع هو الجانب المتعلق بالخسارة .. بطبيعة الحال الاستثمار في البورصة محفوف بمخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية و يجب على المستثمر قبل الانخراط في عالم البورصة أن يتأكد تمام التأكد من مدى تقبله لفكرة الخسارة في البورصة وإلا فليودع عالم البورصة ويتطرق إلى أي مجال استثماري آخر فمجال الاستثمار في البورصة كما أسلفنا هو مجال محفوف بالمخاطر.
والسؤال المنطقي الذي يطرح نفسه هنا هو ..
محتويات الموضوع
ما هي مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية (البورصة) أو الأسواق المالية بشكل عام ؟
تندرج تحت مسمى مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية عدة أشكال من المخاطر .. نستعرض اليوم معكم من خلال موقعنا موقع المجرة أهم تلك الأنماط من أشكال مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية.
1- خسارة رأس المال :
لعل الخسارة في رأس المال هي أول ما قد يتبادر إلى الذهن بمجرد ذكر الاستثمار في البورصة و تعد هي من أكثر الخسائر المنطقية إذ يتعرض لها كل من يقومون بالاستثمار في البورصة على حد سواء وعلى كافة الأصعدة وحتى الرابحين في الاستثمار في البورصة بالتأكيد كانوا قد تكبدوا بعضًا من الخسائر من قبل.
و تنقسم خسارة رأس المال إلى شكلين مختلفين تمام الاختلاف عن بعضهما البعض:
– الخسائر الدفترية:
في بعض الأيام – غير المشرقة – تحدث انهيارات شديدة في أسعار الأسهم على كافة القطاعات متأثرة ببعض القرارات السيادية أو الأحداث السياسية مما يؤدي إلى تحقق خسائر غير حقيقة (أو دفترية كما أطلقنا عليها) لكل المستثمرين .
وكما قد سمعنا آلاف المرات من قبل في النشرات الاقتصادية ” حقق اليوم المؤشر العام للبورصة خسائر بعدة مليارات من الجنيهات ” ..
هناك العديد من الأذكياء و أقوياء الملاحظة الذين كانوا قد تساءلوا : ( كيف خسر المؤشر ؟ و لصالح من ؟ و كيف يمكن تعويض خسارته ؟ و لمن دفع الأموال التي قد خسرها ؟ ) .
في الواقع فإن المؤشر لم يقم بدفع المال لأي أحد و لكن ما حدث هو الخسارة الدفترية فعلى سبيل المثال لو أن إجمالي أسعار أسهم المؤشر تقدر بقيمة 100 مليون جنيه وهبطت الأسعار بنسبة 10% لتصبح إجمالي قيم أسهم المؤشر 90 مليون جنيه وفقًا للأسعار الجديدة، في هذه الحالة يكون المؤشر قد خسر 10 مليون جنيه من قيمته السوقية.
وإذا عادت الأسعار في اليوم التالي للارتفاع لتتخطى إجمالي قيم الأسهم 100 مليون جنيه يكون المؤشر قد قام باستعادة ما خسره في اليوم التالي .. و هكذا.
كذلك المستثمر إذا كان لديه مركز في أحد السهم (x) يقدر بعدد 100 سهم بقيمة 1000 جنيه وهبطت الأسعار ليصل سعر هذا المركز إلى 800 جنيه، في هذه الحالة يكون مركز السهم ( x ) قد خسر 20% من قيمته الدفترية – طبعًا بالنسبة للمستثمر وليس للسهم – و نلاحظ هنا أن المستثمر أيضًا لم يدفع المال لأي أحد و لم تتحقق خسارته فعليًا و إنما كانت خسارة دفترية فقط أو كما يقال ( على الورق ).
– الخسائر الفعلية ( الحقيقية ):
الخسائر الفعلية هي الخسائر التي قد تحققت بالفعل نتيجة التخلي عن المراكز في الأسهم الخاسرة بالبيع من مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية.
علي سبيل المثال: لو أن لدينا نفس المركز في السهم ( x ) و المقدر بعدد 100 سهم بقيمة 1000 جنيه ومع هبوط أسعار الأسهم وصلت قيمة المركز إلى 800 جنيه، حينها إذا قام المستثمر بالبيع بهذه القيمة ففي هذه اللحظة تصبح الخسائر خسائر فعلية، لأنها قد تحققت بالفعل من جراء عملية البيع و لا سبيل لاستعادة تلك الخسائر حتى ولو ارتفعت أسعار الأسهم في اليوم التالي.
يلاحظ أنه كلما زادت الخسائر الدفترية ( غير الحقيقية ) كلما زاد ميل الأفراد إلى توقيف الخسائر و البيع بخسارة رغبة منهم في المحافظة على ما تبقى من أموالهم وعدم الرغبة في خسارة المزيد من الأموال و خاصة إذا استمر منحنى الهبوط في الإنحدار لفترة من الزمن وذلك تأثرًا بعاطفة عدم الرغبة في تحمل خسارة أكبر من التي تم تكبدها فيميل الأفراد غالبا في هذا الوقت إلى البيع و الخسارة.
مثل هذا السلوك يطغى في حالة انهيار الأسواق مما يصيب الأسواق بالهلع أو ما يعرف بأسم ( panic ) إذ يهرع الأفراد إلى البيع مما يؤدي إلى زيادة العرض عن الطلب و بالتالي الاستمرار في الانهيار.
2 – مخاطر السيولة :
تنقسم مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية السيولة إلى شقين:
– السيولة النقدية:
تنشأ مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية السيولة النقدية نتيجة وجود فرصة استثمارية أفضل في سهم ما وفي نفس الوقت لا تتوفر السيولة النقدية اللازمة للاستثمار مما قد يدفع المستثمر للتخلي عن مراكز في أسهم خاسرة للحاق بركب الاستثمار في السهم الأفضل.
لنكون متفقين .. لا يوجد ما هو مضمون بشأن الاستثمار في البورصة إذ أنه من الممكن التخلي عن أحد المراكز في سهم من الأسهم الخاسرة من أجل اللحاق بفرصة استثمارية أفضل إلا أنه من الممكن أن يخذلك السهم الأفضل مكملًا في اتجاه الخسارة.
– سيولة الأسهم:
تنشأ مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية سيولة الأسهم من خلال وجود حجم تداول منخفض للغاية على سهم ما بمعنى أن السهم لا يمكن تسييله بسهولة لأنه ببساطة لا يوجد عليه أي طلب، مثل هذه الأنواع من الأسهم تؤدي بالمستثمر إلى تخفيض سعر العرض بشكل كبير حتى تمام الحصول على طلب نتيجة لانخفاض السعر و يلاحظ في هذا النوع من التنفيذات وجود فرق كبير بين سعر الشراء و سعر البيع أو سعر التداول في وقت سابق عن سعر التداول في الوقت الحالي فيما يعرف بـ الفجوات السعرية.
من المتعارف عليه أن الأسهم صاحبة الفجوات السعرية الكبيرة هي أسهم غير محببة للمستثمرين .. و هذا هو السبب.
3- مخاطر العائد على مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية :
يوجد لدى العديد من الأصول الاستثمارية ( الأسهم والسندات ) عوائد أو توزيعات دورية مثل السندات ذات العائد الدوري أو الأسهم التي تقوم بتوزيع كوبونات. و يعد هذا النوع من الاستثمار من أفضل الأنواع إذ أنه يضمن توليد العوائد بدون التخلي عن مراكز استثمارية في السهم.
إلا أنه من الوارد أن تكون هذه العوائد أقل من المتوقع مما يعود على المستثمر بخيبة الأمل الكبيرة فيما يتعلق بعملياته الاستثمارية.
فعلى سبيل المثال؛ من الممكن جدًا أن تقوم الشركة مصدرة الأسهم بإلغاء أو تخفيض توزيع الأرباح ( الكوبونات ) و ذلك لظروف أو ملابسات داخلية لدى الشركة مثل الصعوبات المالية أو الرغبة في التوسع.
إلا أنه لا يزال في الإمكان الحد من أو تخطي مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية وذلك عن طريق التنويع في الأصول الاستثمارية الأمر الذي يؤدي الى الحفاظ على تدفق العوائد بشكل ما من شأنه تخفيف مخاطر العائد على الاستثمار حيث يضمن التنويع في المحفظة الاستثمارية ذلك إذ أنه من غير المنطقي أن تقوم جميع الشركات في الوقت ذاته بتخفيض أو إلغاء توزيعات الأرباح على المساهمين .
4 – مخاطر تغير سعر الصرف الأجنبي :
تتمثل مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية تغير سعر الصرف الأجنبي في تغير سعر الصرف ارتفاعًا وهبوطًا، ومن المنطقي تغير سعر صرف العملات الأجنبية بشكل يومي إلا أنها تظل حول معدلات معينة معروفة و لا تعتبر في هذه الحالة تغيرًا مؤثرًا.
إلا أن المقصود هو الطفرات السعرية لهبوط العملات الأجنبية خاصة تلك العملات الغير مستقرة سعريًا.
يؤدي ذلك إلى تغير في أسعار السلع والخدمات بشكل كبير – مثلما حدث في وقت الحرب بين روسيا وأوكرانيا خاصة فيما يتعلق بالقمح – و بالتالي يؤدي هذا التغير إلى فقدان الأموال لقيمتها الشرائية وفي الوقت نفسه يظل العائد على الأسهم والسندات كما هو .. كل هذه الأسباب تؤدي بالمستثمر إلى الإحساس بالخسارة و إن كانت لم تتحقق بالفعل.
أضف إلى ذلك أيضًا مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية تغير سعر الصرف في حالة امتلاك مراكز من أسهم بالعملة الأجنبية فإن انخفاض سعر الصرف للعملة الأجنبية يؤدي بالضرورة إلى انخفاض قيمة المركز البيعي من السهم إذا تم تنسيبه أو تقويمه بالعملة المحلية حتى وإن لم ينخفض سعر السهم بالعملة الأجنبية و لكن قيمة بيع المركز من السهم مقومًا بالعملة المحلية أصبح أقل من سعر الشراء .. في الوقت نفسه يعد امتلاك مراكز من أسهم بالعملات الأجنبية الأكثر استقرارا – مثل الدولار الأمريكي – يساعد بشكل كبير في الحماية من مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية تغير سعر الصرف و ذلك لسبب واحد وهو استقرار سعر الصرف للدولار الأمريكي.
5 – مخاطر التضخم :
أشرنا في مقال سابق إلى معنى التضخم و تأثيره على الاقتصاد والأسعار بشكل عام .. إذ يعني التضخم عامة بفقد الأموال لقيمتها الشرائية وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ.
أما بالنسبة للمستثمر فإن التضخم يساهم بشكل كبير في تآكل رؤوس الأموال بشكل غير مرئي إذ يظل رصيد حساب الاستثمار كما هو إلا أن قيمة هذا الرصيد هي التي تغيرت و أصبحت قدرتها الشرائية أقل حيث انخفضت قيمة العملة نفسها.
6 – مخاطر تغير سعر الفائدة:
مثلما حدث وقت إصدار شهادات الاستثمار ذات العائد الثابت 18% في مصر، مما أدى إلى خروج العديد من المستثمرين من البورصة المصرية عن طريق البيع بكميات كبيرة أملًا في الاستفادة بفرصة هذه الشهادات إذ أنها تعتبر استثمار بعائد كبير و بدون أي شكل يذكر من أشكال المخاطرة.
حيث أن هذه الشهادات تعد أكثر أمانًا من الاستثمار في البورصة حيث أنها ستحقق العائد بشكل مضمون و في موعد محدد في الوقت الذي لا نضمن فيه أن تتحقق نفس نسبة العائد من الاستثمار في البورصة.
صحيح أن الاستثمار في البورصة قد يعود علينا بعوائد قد تصل إلى 500 % إلا أنها تظل غير مضمونة.
أدى الخروج المتتابع للمستثمرين من سوق الأوراق المالية البورصة إلى حدوث عمليات بيع كبيرة ومتلاحقة وسريعة. الأمر الذي أدى لزيادة العروض و انخفاض الطلبات مما أدى لانخفاض أسعار الأسهم بشكل كبير و ملحوظ.
و في النهاية تظل مخاطر الاستثمار في الأسواق المالية عامة هي الأساس حيث تنطوي الاستثمارات في الأسواق المالية على مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية طوال الوقت و في الوقت نفسه فإن فرضية الحصول على عوائد عالية للغاية هي فرضية قائمة أيضًا وهكذا هو الحال في الأسواق المالية..
ختامًا أريد أن أذكر القاعدة الاقتصادية الشهيرة؛ ( كلما زادت مخاطر الاستثمار في سوق الأوراق المالية زادت العوائد ) بالإضافة إلى المقولة التي يحبها كل المستثمرين أصحاب فكر المخاطرة العالية و التي نسمعها يوميًا أمام شاشات التداول ( يفوز باللذات كل مغامر ).