شهدت أسعار النفط تراجعًا كبيرًا منذ أن وصلت لذروتها في أبريل الماضي عقب اعلان أوبك بلس المفاجئ عن خفض اضافي لمستويات الانتاج، يأتي هذا التراجع مع تزايد مخاوف الأسواق من تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى ارتفاع المخاوف حيال أزمة رفع سقف الدين الأمريكي وهذا ماسنعرفه على موقع المجرة .
وصل خام برنت إلى أعلى مستوياته لهذا العام في 12 أبريل عند 86.96 دولار للبرميل ولكنه منذ ذلك الحين خسر أكثر من 13% من قيمته، كما سجل خام غرب تسكاس ذروته في أبريل عند 83.11 دولار قبل أن يخسر أكثر من 11% من قيمته في الوقت نفسه، حيث أثرت المخاوف من الركود الاقتصادي والأزمات في القطاع المصرفى الأمريكى على شهية المخاطرة لدي المستثمرين.
أدى القرار المفاجئ من قبل العديد من منتجي أوبك بلس بخفض الإنتاج طوعًا في وقت سابق من شهر أبريل إلى دفع توقعات المحللين لأسعار النفط بالقرب من 100 دولار للبرميل، لكن التباطؤ الاقتصادي يشير الآن إلى تعميق الفجوة بين معنويات الاقتصاد الكلي وأساسيات العرض والطلب.
حيث يواجه سوق النفط الكثير من الضغط بسبب المخاوف المتزايدة من دخول الاقتصاد الأمريكي نحو مرحلة الركود بحلول نهاية هذا العام بما قد يضر باستهلاك الطاقة، جاء تراجع الأسعار برغم من علامات القوة التي يشهدها سوق النفط الفعلى، وقد يشير ذلك بأن عمليات البيع التي شهدها في الأسابيع الأخيرة كانت مفرطة.
محتويات الموضوع
ماذا وراء جنون البيع؟
أدت الاضطرابات المصرفية الأمريكية وتخفيضات إنتاج النفط التي أعلنت عنها أوبك بلس إلى إثارة المخاوف من ارتفاع الأسعار والركود العالمي في السوق، وقد دفع هذا المستثمرين إلى حد كبير إلى التخلي قبل فوات الأوان، ولكن تميل هذه الاضطرابات إلى أن تكون مؤقتة وينبغي استعادة النظام الطبيعي قريبًا.
يأتي ركود الأسعار على الرغم من إعلان العديد من أعضاء أوبك بلس عن تخفيضات طوعية إضافية يبلغ مجموعها حوالي 1.6 مليون برميل يوميًا في وقت سابق شهر أبريل، وقد دفعت انخفاضات الإنتاج بعض المحللين إلى التحذير من ارتفاع الأسعار إلى ثلاثة أرقام، وقد عدل بنك جولدمان ساكس توقعاته لخام برنت بمقدار 5 دولارات للبرميل إلى 95 دولار للبرميل في ديسمبر 2023.
يشير المحللون الآن إلى أن الاضطرابات المالية الأوسع نطاقا أعاقت حتى الآن هذه التوقعات الصعودية، حيث طغت مخاوف الركود على عوامل العرض والطلب.
ساهم الطلب الضعيف من الصين أيضًا في جنون البيع أيضًا، حيث تقلص نشاط المصانع في البلاد بشكل غير متوقع في شهر أبريل، انخفضت الطلبات وتراجع الطلب المحلي على قطاع التصنيع المترامي الأطراف، أظهر مسح للقطاع الخاص أن نشاط الخدمات في الصين نما للشهر الرابع في أبريل ولكن بمعدل أبطأ، حيث استفادت الشركات من العودة نحو مستويات ما قبل الوباء من الطلب والإنتاج.
هل يمكن أن تنهار أسعار النفط في عام 2023؟
يعتبر “التراجع الكبير” في أسعار النفط خطرًا متزايدًا في ظل استمرار التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة، خاصة وأن مستويات التضخم لا تزال مرتفعة وتؤثر على الأسواق على مستوي العالم.
يقول أحد خبراء السوق: “السيناريو الذى يبقي فيه مستوي التضخم عنيد وتستمر فيه المعدلات في الصعود سيكون من شأنه وسيلة ضغط قوية على أسعار النفط لا شك، ومن المحتمل أن تواصل أسعار النفط التراجع في الفترة القادمة، وبالنظر إلى الولايات المتحدة لا يزال البنك الاحتياطى الفيدرالى ملتزم بالسيطرة على التضخم، كما حذر البنك من استمراره ثابتًا في الاتجاه الصعودى، لأن ذلك سيتطلب مزيدًا من رفع سعر الفائدة.
وأضاف: “أن التوقعات الإقتصادية الضعيفة في الوقت الحالي تلقي بثقلها على الأسعار كما أن التوقعات باحتمالية حدوث انتعاش اقتصادي تتراجع بشكل كبير، ومن جهة أخري، إذا كان أداء الاقتصاد الصيني ضعيفًا خلال هذا العام فسوف تكون توقعات الطلب على النفط منخفضة، لهذا قد تشهد أسعار النفط مزيدًا من التراجع خاصة دون وجود تخفيض من مستويات العرض من المنتجين.
لا يستبعد البعض احتمالية انهيار أسعار النفط ولكن هناك آليتين رئيسيتين لوقف الانزلاق الكبير في الأسعار:
الأول: هو عزم أوبك بلس على إدارة الإمدادات، وعلى ما يبدو أن أوبك بلس عازمة على ذلك الأمر والدليل التخفيض المفاجئ لمستويات الإنتاج في شهر أبريل الماضي التي تعزز فقط خطتها على توازن السوق.
ثانيًا: التزام الولايات المتحدة بملء احتياطياتها من النفط الاستراتيجي المستنفد، وذلك سيضع الولايات المتحدة على المسار الصحيح لاستهداف نطاق سعر خام غرب تكساس الوسيط بين 67-72 دولار للبرميل.
وفي المقابل، يشك البعض بشدة في أن أسعار النفط قد تنهار هذا العام، فبصرف النظر عن توقعات الطلب القاتمة لدي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن شهية الصين المتزايدة على النفط إلى جانب تقييد المعروض من أوبك بلس سيضمن تحقيق توازن نفطي داعم للسعر في الأشهر المقبلة.